ساد الإنسان العاقل العالم؛ لأنه الحيوان الوحيد الذي يستطيع أن يؤمن بأشياءٍ لا توجد إلاّ في محض خياله، كالدول والمال وحقوق الإنسان.

لا يكتفي كتابُ “العاقلِ” بربط أحداث الماضي مع مخاوف الحاضر فقط، ولكنه يشكك أيضاً في رؤيتنا الأساسية للعالم. يبصّرُ الكتابُ قرّاءه برؤى جديدة، تتحدى في أحيانٍ كثيرةٍ السائدَ والمستقرَ. فمثلاً يرى الكتاب:

• أننا نسيطر على العالم لأننا الحيوانُ الوحيدُ الذين يمكنه أن يؤمنَ بأشياءٍ لا توجد إلاّ في مخيّلته، مثل الآلهة والدول والمال وحقوق الإنسان.

• الإنسانُ العاقلُ سفّاحٌ، قاتلٌ، في نظر البيئة؛ إذ تمكّن أسلافنا، من إفناء ما يقارب نصف الثدييات البرية الكبيرة، دون أنْ يكون في حوزتهم سوى أدوات بدائية، وقبل أن يصلوا إلى عصر الزراعة.

• بل وكانت الثورة الزراعية أكبرَ خدعةٍ في تاريخ البشر، فالقمحُ هو من دجّن الانسان العاقل، وليس العكس.

• المالُ هو أنجع منظومةٍ استحدثها البشرُ لتحكم علاقاتهم وعليه يجمعون، ففي المال وحده يضعُ البشرُ ثقتهم.

• والإمبراطورياتُ هي أنجحُ نظام سياسي اخترعوه، أما ميلنا المعاصرِ نحو اعتناق مواقفٍ مناهضة للإمبريالية، فليست سوى ردةٍ مؤقتة.

• الرأسماليةُ، في حقيقتها، ديانة وليست مجرد نظرية اقتصادية، وهي أنجح الأديان قاطبةً.

• قد نكتشفُ، بمرور الوقتِ، أنّ المعاملة التي تتعرض لها الحيوانات، في ظل الممارسات الزراعية الحديثة، هي أسوء جريمةٍ في التاريخ.

• احتضنت الدولةُ والسوقُ فكرة “الفردية” كوسيلة لتفتيت الأسرة والمجتمع.

• قدراتنا أكبر بكثير مقارنة بقدراتِ أسلافنا الغابرين، إلاّ أننا لسنا أسعد منهم.

• سوف يختفي جنس الإنسان العاقل قريباً، في غضون قرون أو حتى عقود قليلة. وبفعل التقنيات الجديدة، سوف يرقّي العاقل نفسه إلى شيء مختلف تماماً، ليمتلك خصائص الآلهة وقدراتها. بدأ التاريخ عندما اخترع الإنسان الآلهة، وسوف ينتهي عندما يمسي الإنسان إلهاً.

غدا كتاب “العاقل” ضمن أفضل الكتب مبيعاً عالمياً لسببين بسيطيْن. الأوّل، أنه يتناول أكبر أسئلة التاريخ والعالم الحديث، والثاني، أن مكتوب بلغة حيّة لا تُنسى. سوف تحب هذا الكتاب دون ريب”.
جارِيد دايمند، مؤلف كتاب “بنادق وجراثيم وصلب” الحائز على جائزة بولتزر.